بين حب ضاع وزواج بلا روح
كنت جالسة في صمت، الليل يثقل على صدري، وزوجي عمر نائم بجواري كأنه في عالم آخر، لا يدري عن أوجاعي ولا عن غربتي وأنا بجانبه. شعرت أن علاقتنا على حافة النهاية، والذكريات القديمة غزت عقلي بلا استئذان…
بداية الحكاية
اسمي أميرة، 27 سنة. متزوجة منذ عامين من عمر، ابن خالتي. شافني لأول مرة في فرح، ومن يومها اتعلق بيا. ما مرش أسبوع إلا وكان متقدم رسمي، لكن في الوقت ده كنت رافضة فكرة الزواج أصلًا، مش لأني مش عايزة، بل لأني كنت لسه متعلقة بحبي الأول… يوسف.
يوسف كان زميلي في الجامعة، شاب وسيم، خفيف الظل، عنده طموح وجرأة تخلي أي بنت تحلم بيه. أول لقاء بينا كان خلاف ومشادة بسيطة، لكن بعدها أصبح أقرب إنسان ليا. كنا شبه روح واحدة في جسدين. يعرفني من نظرة عيني، يقرأ حزني وفرحي، وعمري ما حسيت بالأمان مع حد زيه.
عشنا قصة حب من أصدق ما يكون، خططنا للزواج بعد التخرج وانتهاء خدمته العسكرية. كان دايمًا يقولي:
“إنتِ ليّ وبس، مش هسيبك لحد… انتي فاهمة؟”
وأنا أضحك وأرد:
“بحبك يا مجنون، الموت بس اللي هيفرقنا.”
النهاية القاسية
لكن الدنيا قلبت. بعد تخرّجنا دخل الجيش، وبعدها بفترة قصيرة مات والده. اتغير يوسف، انكسر جواه شيء كبير، وبقى يبعد عني واحدة واحدة. حاولت أتمسك بيه، لكنه كان كل يوم يغرق أكتر في هموم الشغل ومسؤوليات أسرته.
ولما خلص جيشه، واجهني بالحقيقة المرة:
“مش قادر أوفي بوعدي، اتجوزي وعيشي حياتك. أنا مش هعرف أوفرلك اللي تستحقيه.”
حاولت أبكي وأترجاه، لكنه أصرّ ينسحب. كأنه بيطعنني بسكين بارد ويقول لي: “شوفي حالك.”
زواج بلا حب
عدت سنة ونص وأنا أرفض كل عريس يتقدملّي، لحد ما جاء عمر. إنسان محترم، كريم، طيب، أتمّ كل واجباته وأكثر. أهلي أحبوه جدًا واعتبروه واحد منهم. ومع ضغطهم الشديد وزعل أمي، وافقت.
خُطوبة تقليدية، وزواج أكثر تقليدية. عمر الزوج المثالي، لكنه عملي زيادة، بعيد عن الرومانسية اللي كنت غارقة فيها مع يوسف. حياتنا صارت روتين ممل: شغل، أكل، نوم. حتى علاقتنا الخاصة كانت بلا روح، مجرد واجب ينتهي في لحظات.
عام مرّ من زواجنا بلا حمل، وأنا لم أندفع للإنجاب، لأني كنت خائفة أن يأتي طفل في علاقة ينقصها الحب، فيُظلم قبل أن يولد.