الجزء الأول من قصة نبيل ونرمين

أختك حامل وتقدر تاخدها تتأكد.
_ إنت اټجننت؟ أختي عيلة متمتش 13 سنة! حامل إزاي؟ ومن مين؟ وهي مبتخرجش من البيت!
رفعت كتفيها ونظرت إليه بخبث:
_ مش عارفة، روح اسألها.
نبيل: لااا، واضح جدًا إنك مش في وعيك.
نيرمين: خدها عند أي حكيم وهتتأكد.
كلام نيرمين وثقتها خلا الخوف والشك يتزرع بقلب نبيل، وصاح بيها:
_ والله لو كلامك كدب، مش هتعيشي على دمتي ثانية واحدة.
نيرمين بثقة:
_ لو مش متأكدة مكنتش قلتلك.
نبيل بحدة:
_ نبيلة! يا نبيلة!
أتت نبيلة، طفلة صغيرة بشعر بني يتطاير خلفها، وعينان واسعتان بلون حبات القهوة:
_ أيوه يا خوي؟
نبيل: كنتي فين؟
نبيلة: بلعب مع أحمد ابنك.
نبيل شعر بطفولتها وبراءتها، لكن الشك دخل قلبه:
_ وشك أصفر كده ليه؟
نبيلة: مش عارفة، حاسة بدوخة ونفسي غمي عليا.
نظرت إليه نيرمين بخبث، لينَهَض الآخر:
_ طب يلا أوديكي عند أي حكيم يشوفك.
نبيلة: مفيش داعي، هبقى كويسة.
نبيل بحدة، ولأول مرة يرفع صوته عليها:
_ قلتلك يلااا!
نبيلة بخوف: طب ثواني بس وهحصلك.
وبالفعل، أخذها إلى المستشفى وأجرى الفحوص اللازمة… كانت تلعب مع أحد الأطفال في المستشفى، ونبيل مع الطبيب جوه العيادة.
الطبيب: مبروك، المدام حامل.
نبيل بصدمة: إيه؟
الطبيب: إيه يا أستاذ، مش فرحان ولا إيه؟
نبيل: طب طب، اتأكد يا دكتور، اتأكد.
الطبيب بابتسامة، غير مدرك حجم هذه المصيبة:
_ اتأكدت، وعملنا تحليل دم زي ما طلبت. المدام حامل، ألف مبروك.
لم ينتظر الطبيب يكمل حديثه، أسرع إلى نبيلة وكانت تلعب مع أحد الأطفال. شدها من إيدها دون أي كلام، وطلع بسيارته ورجع البيت، ومتكلمش معاها ولا رد على أسئلتها الكتير لحد ما وصل البيت، دفعها لتسقط أرضًا.
نبيل: اتكلمي!
نبيلة بدموع: في إيه؟ أنا عملت حاجة زعلتك؟
نبيل: مين اللي عمل فيكي كده؟
نبيلة بشهقات وهي تنظر إلى أخيها الذي تتطاير نيران الغضب من عينيه، وزوجته الشامتة:
_ مين؟ وعمل إيه؟
نبيل جذب شعرها:
_ إنتي حامل من مين؟ انطقي!
نبيلة: ح.. حامل؟ يعني إيه؟
صفعها بقوة لتسقط أرضًا:
_ اتكلمي! بلاش دور البريئة ده!
شعرت بدوار لتسقط أرضًا، وينزف أنفها.. ليعود ويجذبها بهستيريا وجنون:
_ بقولك اتكلمي! مين اللي ضحك عليكي؟ مين؟
لم يخرج صوتها، فانهال عليها بالضربات واحدة تلو الأخرى، وهي تنظر إليه فقط، دموعها تنهمر، لا تعلم ما الذي حدث، أو ماذا حل بأخيها، ولماذا يفعل هذا؟ وأي حمل هذا الذي يتحدث عنه؟
الضربات توالت على جسدها الصغير، حتى بدأت تنزف بشدة. شعرت بالخدر بكامل جسدها بسبب الضربات المتوالية إليه.
نيرمين: يا مصيبتي! باينها ماتت.
نبيل بلا وعي: أنا هموتها واغسل عارها! أنا عاوزها تموت.
نيرمين: متفضحش روحك، وبكرة الناس هتعايرك يا نبيل. استهدي بالله، وفكر هتعمل إيه.
نبيل بانفعال: أنا هموتها! هموتها!
نيرمين: دي قاطعت النفس.
جلس نبيل ينظر لوجهها البريء لدقائق. صوت زوجته وكلماتها لم تصل لمسمعه، وهي تتحدث كثيرًا لكنه لا يسمع شيئًا، فقط ينظر إلى نبيلة.
وقام بسرعة وجاب المسدس وشالها ومشى.
كان الظلام خيم على المدينة، بالليل السما مفيهاش لا نجوم ولا قمر. غيوم غطت السما، وسواد الليل مبيرحمش.
عيون الناس نامت، وعيون ربنا ما بتنامش.
نيرمين: هتوديها فين؟
نبيل: هموتها واغسل عارها.
نيرمين: نبيل!
مشى ولم يجبها. وضعها بالسيارة وشغلها، وهو مش عارف هو رايح فين.
ساعات وهو ماشي بالعربية، لحد ما وصل غابة كبيرة، نزل وشالها.
فتحت عينيها وبصت له، دمعة ساخنة نزلت منها. متكلمتش، ولا اتحركت، ولا حاولت تدافع عن نفسها.
يمكن في الوقت ده، هي كان نفسها تموت.
إزاي أخوها اللي رباها وطول الوقت بيهتم بيها، يعمل فيها كده؟
يمكن وصلت لمرحلة عارفة إن الكلام مش هينفع، وهي شايفة الكره بعينين أخوها لأول مرة.
الرحمة والحب مش موجودين في بُصاته ليها،
بتشوفه يصوّب المسدس ناحيتها، وأخوها دموعه نازلة على وشه بغزارة.
يشوف أخته الوحيدة اللي رباها، هو هيموتها بإيده.
يتمنى لثواني يكون ده حلم، كابوس يفوق منه، وترجع كل حاجة زي الأول.
بس لا.. الواقع غير.
وادي أخته تستنى مصيرها.. موتها على إيد اللي رباها من وهي صغيرة باللفة.
صرخ صرخة ألم:
_ آه! ليه؟ ليه عملتي كده؟ ليه؟ آه! كسرِتِي ضهري! آه يا رب…

تمام، هكمل لك القصة بنفس الأسلوب الدرامي والتصاعد اللي كتبته:


يد مرتعشة كانت ماسكة المسدس، وصوته بيهتز مع كل نفس بيطلع منه.
نبيلة وهي على الأرض، عينيها تلمع وسط الظلام، ملامحها مكسورة بس لسه فيها حتة براءة، والدم بينزل من جنب وشها.

نبيلة بصوت واهن:
_ والله ما عملت حاجة… والله ما عملت حاجة يا خوي…

نبيل بيصرخ:
_ اسكتي! اسكتي قبل ما أجن أكتر!

لكن فجأة… صوته انكسر، والمسافة بينه وبينها اتحولت لجدار من الذكريات؛ أول مرة شالها وهي رضيعة، أول مرة نادت عليه “يا خوي”، ضحكتها وهي بتجري في الجنينة… كل حاجة رجعت قدام عينه في ثانية.

إيده نزلت، والمسدس وقع على الأرض، وهو بيترنح خطوة ورا:
_ أنا… أنا مش قادر…

نبيلة بتحاول تمد إيدها له، بس قوتها خلصت، صوتها بقى بالكاد مسموع:
_ صدقني… أنا بريئة…

وفجأة، صوت خطوات وسط الغابة… وظلال بتتحرك بسرعة ناحية نبيل.
ثلاث رجالة ضخام طلعوا من بين الأشجار، واحد فيهم صرخ:
_ سيب البنت!

نبيل اتجمد مكانه، والرجالة قربوا، واحد منهم شد نبيلة من الأرض وحضنها بحرص، والتاني مسك نبيل من إيده بعنف.

الراجل الأول:
_ إحنا بلغونا من المستشفى… التحاليل بتقول إن الحمل مش حمل أصلاً، دي حالة مرضية نادرة بتعمل أعراض شبه الحمل… وإنت جاي تقتل أختك!

الصدمة جمدت دم نبيل… عينه على نبيلة، وصوت قلبه بيخبط في ودانه.
وقع على ركبته، مسك راسه بإيديه، وصوت بكاءه ملأ الغابة…
_ أنا قتلتها قبل ما تموت… أنا ضيعت روحي…

نبيلة، رغم ضعفها، ابتسمت ابتسامة باهتة، وهمست:
_ بحبك… حتى وانت ظالم…