
تفشي فيروس شيكونغونيا في الصين: أكبر موجة إصابات في تاريخ البلاد وتداعياتها الإقليمية
في أغسطس 2025، شهدت مقاطعة قوانغدونغ الصينية، وبالأخص مدينة فوشان، أكبر تفشٍ لفيروس شيكونغونيا في تاريخ الصين، حيث تجاوز عدد الإصابات خلال أسابيع قليلة 7,000 إلى 8,000 حالة، مما أثار حالة من القلق داخل البلاد وخارجها.
السلطات الصحية الصينية وصفت الوضع بأنه “طارئ على مستوى الصحة العامة”، وأطلقت خطة استجابة عاجلة للحد من انتشار الفيروس، خاصة مع تسجيل أول حالة مستوردة إلى تايوان لدى امرأة عادت مؤخرًا من فوشان.
ما هو فيروس شيكونغونيا؟
شيكونغونيا هو فيروس ينقله نوع معين من البعوض يُعرف باسم Aedes، وهو نفس النوع الذي ينقل فيروسات أخرى مثل زيكا وحمى الضنك. تم اكتشاف الفيروس لأول مرة في إفريقيا في خمسينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين انتشر في العديد من دول آسيا والأمريكتين.
اسم “شيكونغونيا” مشتق من لغة محلية في تنزانيا ويعني “المنحني” أو “المتقوس”، في إشارة إلى وضعية الجسم المنحنية التي يتخذها المريض نتيجة الألم الشديد في المفاصل.
انتشار الفيروس في قوانغدونغ
مدينة فوشان، التي تعد مركزًا صناعيًا وتجاريًا مهمًا في جنوب الصين، أصبحت بؤرة رئيسية للانتشار. العوامل البيئية والمناخية، مثل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الرطوبة، ساعدت على تكاثر بعوض Aedes بشكل كبير.
التقارير الأولية تشير إلى أن الإصابات تزايدت بوتيرة متسارعة، ما دفع السلطات إلى تكثيف جهود المكافحة، بما في ذلك:
- رش المبيدات الحشرية في المناطق السكنية والمناطق المائية.
- دعوة السكان إلى التخلص من أي مصادر مياه راكدة.
- نشر حملات توعية حول طرق الوقاية من لدغات البعوض.
انتقال العدوى إلى خارج الصين
لم يبقَ تفشي شيكونغونيا داخل الحدود الصينية؛ فقد أكدت السلطات الصحية في تايوان تسجيل أول حالة مستوردة لامرأة عادت من فوشان.
هذا التطور أثار مخاوف من احتمال انتقال الفيروس إلى مناطق أخرى في آسيا، خاصة مع استمرار حركة السفر والتجارة بين الصين والدول المجاورة.
أعراض فيروس شيكونغونيا
الأعراض غالبًا تظهر بعد 3 إلى 7 أيام من التعرض للدغة البعوض المصاب، وتشمل:
- الحمى الشديدة التي قد تصل إلى 40 درجة مئوية.
- ألم حاد في المفاصل قد يعيق الحركة ويستمر أحيانًا لأسابيع أو أشهر.
- التعب والإرهاق الشديد.
- طفح جلدي يظهر على الوجه والجسم.
- الصداع وأحيانًا آلام عضلية.
ورغم أن المرض نادرًا ما يكون قاتلًا، إلا أن كبار السن والأطفال والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات قد تشمل التهاب الدماغ أو مشاكل في القلب.
الفرق بين شيكونغونيا وحمى الضنك
كثيرًا ما يتم الخلط بين شيكونغونيا وحمى الضنك بسبب التشابه الكبير في الأعراض، إلا أن هناك فروقًا مهمة، منها:
- ألم المفاصل في شيكونغونيا أكثر حدة ويميل إلى الاستمرار لفترات أطول.
- حمى الضنك قد تسبب نزيفًا أو انخفاضًا حادًا في الصفائح الدموية، بينما هذا العرض نادر في شيكونغونيا.
- فترة النقاهة في شيكونغونيا قد تكون أطول نسبيًا.
طرق الوقاية
حتى الآن، لا يوجد لقاح معتمد لفيروس شيكونغونيا، وتعتمد الوقاية على تجنب لدغات البعوض عبر:
- ارتداء ملابس طويلة تغطي الجسم.
- استخدام طارد البعوض على الجلد المكشوف.
- تركيب شبك على النوافذ والأبواب.
- التخلص من المياه الراكدة التي تشكل بيئة لتكاثر البعوض.
كما تنصح السلطات الصحية بالسفر فقط للضرورة إلى المناطق الموبوءة، خاصة للأشخاص الأكثر عرضة للمضاعفات.
الجهود الصينية لاحتواء الأزمة
أطلقت السلطات الصحية في قوانغدونغ خطة طوارئ تتضمن:
- إنشاء مراكز طبية ميدانية لعلاج الحالات المتزايدة.
- مراقبة حركة السفر من وإلى فوشان.
- تكثيف برامج مكافحة البعوض في جميع المدن المجاورة.
- جمع بيانات محدثة يوميًا لمراقبة منحنى الإصابات.
كما تم توجيه المستشفيات للاستعداد لاستقبال الحالات وتوفير العلاج الداعم، نظرًا لعدم وجود دواء مضاد فيروسي محدد للمرض.
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية
هذا التفشي جاء في وقت تستعد فيه الصين لموسم سياحي وتجاري نشط، مما قد يؤثر على حركة السياحة في قوانغدونغ.
كما أن ازدياد القلق بين السكان أدى إلى ارتفاع الطلب على المستلزمات الوقائية مثل طارد الحشرات والناموسيات، وأثر على الأنشطة اليومية خاصة في المناطق الريفية.
الخلاصة
تفشي فيروس شيكونغونيا في قوانغدونغ يعد جرس إنذار مهمًا حول المخاطر المتزايدة للأمراض المنقولة بالبعوض في ظل تغير المناخ وزيادة العولمة.
الاستجابة السريعة، ورفع مستوى الوعي، والتعاون الإقليمي بين الدول المتأثرة، ستكون عناصر حاسمة للحد من انتشار الفيروس وحماية الصحة العامة في آسيا وخارجها.